الرئيسة/  مقالات وتحليلات

الحصار المستحيل..

نشر بتاريخ: 2025-06-04 الساعة: 06:29

 

كلمة الحياة الجديدة


مع توغلها في حرب الإبادة ضد فلسطين أرضاً وشعبا وقضية، ما عادت إسرائيل الصهيونية الدينية، دولة بمعايير، وقيم، ومفاهيم الدولة المدنية، ذات المسؤوليات الداخلية، المحكومة بنزاهة العقد الاجتماعي، والخارجية المحكومة بقواعد القانون الدولي، لا بل إن إسرائيل هذه، وعقدها الاجتماعي، بات على الأغلب عقدا للمستوطنين، وبحكم تجاوزها على القانون الدولي، فإنها لم تعد حتى كمثل اسبارطة اليونانية القديمة، التي اشتهرت بنزعتها العسكرية، فهي اليوم مع حكومة "نتنياهو" بالغة التطرف والعنصرية، إنما باتت تشتهر بنزعتها العدوانية الاحتلالية، بل أن هذه العدوانية تتجسد اليوم كعقيدة لها، بطقوس حربية، لا تنفك عن ممارستها كصلاة تعبدية…!!!

بمثل هذه العقيدة، لن تمضي إسرائيل بعد الآن بغير دروب العزلة، وهذا ما يفسر على هذا النحو أو أنذاك، رفضها السماح للوفد الوزاري العربي الإسلامي، بالوصول إلى رام الله، ولقاء القيادة الفلسطينية، وهو وفد لم يكن له من غاية، سوى غاية التحضير لعملية سلام ممكنة، من خلال العمل على تفعيل حل الدولتين، بمؤتمر دولي سيعقد في حزيران المقبل تحت مظلة الشرعية الدولية.

بعض الوفد له علاقات واتفاقات مع إسرئيل، لكن العدوانية الاحتلالية، تظل دائما تحت وطأة خوفها من السلام، الذي يقتلع العداونية الاحتلالية، من جذورها الفكرية، والسياسية، والعملية، وينهي وجودها من على الارض التي تهيمن عليها، بما يحقق في المحصلة، الأمن، والاستقرار، والازدهار، بالتعايش المشترك، والتبادل النزيه للمصالح المشروعة.

ما عادت لإسرائيل اليوم غير هذه الصورة، صورة الحرب، التي تصر عليها، وعلى دوامها، بما يؤكد مناهضتها للسلام، بل وتصديها لأي حراك سياسي ودبلوماسي، يسعى بجدية في دروب السلام الممكن، ورفضها دخول الوفد الوزاري العربي الإسلامي إلى رام الله، أبلغ  دليل على ذلك، وفي التفاصيل هو الدليل الذي يؤشر على تطرف إسرائيل، ورفضها للسلام، وأنها لا تريد إلا العنف، وهذا ما أعلنه بصريح العبارة، ونصها، وزير الخارجية السعودي، الأمير فيصل بن فرحان، الذي ترأس الوفد العربي الإسلامي.

هل تدرك إسرائيل الصهيونية الدينية، أنه لا يمكن لجغرافيا الدبابة، جغرافيا الاحتلال، أن تحاصر فلسطين وشعبها، وفضاؤها اليوم، هو فضاء عربها، فضاء أشقائها، فضاء التواصل والتنسيق والعمل المشترك الذي ليس بوسع أي دبابة أن تحاصره؟ هل تدرك أنه لا يمكن لجغرافيا الدبابة، أن تحسم صراع الوجود، وإنما هي الإرادة الحرة، وهذه هي إرادة فلسطين بشعبها وقيادتها الشرعية، وتاريخها النضالي، وارثها الحضاري والإنساني، وهي باتت تحظى اليوم بمثل هذا الإسناد والدعم من أشقائها العرب، وأصدقائها في المجتمع الدولي، الذين يحضرون لمؤتمر حل الدولتين تحت راية الأمم المتحدة، في حزيران المقبل؟

المنع، والحصار، والإقصاء، منظومات لا تعمر أبدا، سياسات لا تدوم،  وإرهاب لا يخلف سوى الضحايا، وعبث لا يقود لغير العدمية.. فلسطين الفكرة، والروح، والقضية، والحق، والعدل، والسلام، في كل مكان على هذه البسيطة، فأي دبابة بوسعها أن تحاصر كل ذلك…؟؟

رئيس التحرير
 

mat
Developed by: MONGID | Software House الحقوق محفوظة مفوضية الإعلام والثقافة © 2025