صندوق ذخيرة بن غفير لكسر "صندوق ووقفية القدس" الإنساني !
نشر بتاريخ: 2025-05-04 الساعة: 23:21
صندوق ذخيرة بن غفير لكسر "صندوق ووقفية القدس" الإنساني !
- موفق مطر
الحفاظ على التراث الفلسطيني والعربي والإسلامي في القدس. الحفاظ على الإرث التاريخي والحضاري والبشري في القدس. تنفيذ المشاريع التنموية في محافظة القدس. توفير الدعم المالي والتمويل لتعزيز صمود المقدسيين والمؤسسات المقدسية في وجه مخططات التهويد والتهجير، بما يوفر متطلبات الصمود من خلال العمل في القطاعات كافة.. تلك أبرز أهداف "صندوق ووقفية القدس" الذي اسسته مجموعة من رجال الأعمال الفلسطينيين على رأسهم صاحب الفكرة منيب المصري، ليكون هيئة مستقلة، غير ربحية، لتمكين مئات الآلاف من الشعب الفلسطيني (المقدسيين) من الصمود في العاصمة المحتلة، وتحقيق تنمية، وفق رؤية تنموية لتأسيس بنية تحتية لتنفيذ المشاريع بدقة ومهنية عالية، وتجهيزها لحشد الموارد المالية لتحقيق الأهداف والطموحات المنشودة لمواطني المدينة بأعلى درجات الكفاءة، ويمكن للمتابع لانجازات الصندوق منذ تأسيسه سنة 2014 حتى تاريخ قرار حكومة منظومة الاحتلال والاستيطان والعنصرية الاسرائيلية، معرفة الدوافع العميقة، والأهداف البعيدة المدى، لقرار بن غفير- وزير ما يسمى الأمن الداخلي الاسرائيلي- إغلاق مكاتب الصندوق في القدس الشرقية (عاصمة دولة فلسطين المحتلة) لمدة 6 أشهر، فهذا ليس خرقا للقوانين الدولية وحسب، بل استكمال لعملية اجتثاث الوجود الفلسطيني العربي، ونسف قواعد وأركان رموزه السياسية، مثل: بيت الشرق، الذي حوله فيصل الحسيني - رحمه الله- الى واجهة سياسية فلسطينية وطنية بارزة، ما بين 1980 الى 1990، حتى اعتبره الكثيرون بمثابة مقر لقيادة منظمة التحرير الفلسطينية في القدس الشرقية، لكن سلطات الاحتلال اقتحمته وأغلقته سنة 2001،، وكذلك تضييق الخناق على مؤسسات ثقافية، واجتماعية، وتعليمة وصحية، واقتصادية، لتسريع عملية انهيار صروح الوجود الفلسطيني، مرفقا بعمليات امنية بصيغة (الترهيب) وقرارات حكومية، وبمشاريع تهويد بوتيرة عالية، لطمس الهوية العربية التاريخية الحضارية للمدينة، وكل ذلك لدفع المواطنين الفلسطينيين المقدسيين نحو الهجرة من المدينة .
قرار بن غفير اغلاق مقر هذه المؤسسة الفلسطينية، احد مسارات تصفية الحق الفلسطينية، بالتوازي مع حملة الابادة الجماعية، في قطاع غزة والضفة الفلسطينية، والقوانين العنصرية، مثل: قانون القومية، التي تستهدف بمساراتها مجتمعة وجود الشعب الفلسطيني اصلا، فهذه المؤسسة التي لا تمتلك حكومة الصهيونية الدينية في اسرائيل، أي حق، أو مبرر، أو ذريعة لإغلاقها، كونها مؤسسة مستقلة، يتبرع رجال اعمال فلسطينيون في الوطن والمهجر لصندوقها لتمويل مشاريعها الانمائية من اموالهم الخاصة، ثم انضم رجال أعمال من بلاد عربية، بصفاتهم الشخصية، لدعم الصندوق ومن أموالهم الخاصة ايضا، وتشكل فيما بعد مجلس أمناء، كتعبير قيمي اخلاقي فلسطيني عربي، لمبدأ الوقوف الى جانب الفلسطينيين المقدسيين، بقصد: التمكين والإغاثة، ومساندة الأفراد- كمنح دراسية، ومشاريع صغيرة، ومؤسسات تعنى بشرائح اجتماعية، في مجالات مثل الصحة والتعليم، والبنى التحتية، التي يغفلها الاحتلال عمدا .
القدس العربية الفلسطينية مستهدفة، بإنسانها الفلسطيني، ورموزها الحضارية التاريخية، وبمكانتها الدينية المقدسة، باعتبارها: "جزءا من عقيدة الفلسطينيين المسيحيين والمسلمين"، كما قال الرئيس ابو مازن في خطابه بافتتاح اعمال الدورة الـ32 للمجلس المركزي الفلسطيني قبل ايام، أما تاج الصرح السياسي الذي تمثله القدس للشعب الفلسطيني، فإن استهداف اعمدته الرافعة كالصحة والتعليم والإسكان، والاقتصاد، والشريحة الاجتماعية المتضررة من قوانين وقرارات سلطة الاحتلال، ضربات تمهد لانهيار هذا الرمز السياسي والمقدس ايضا، عند الشعب الفلسطيني.. وهنا تجدر الاشارة إلى أن تحول صندوق ووقفية القدس إلى مؤسسة مانحة ضامنة للاستدامة، عبر تنويع مصادر التمويل واعتماد الاستثمار الوقفي. وتأسيس صندوق ووقفية لدعم القدس برأسمال مائة مليون دولار مسجلة لدى البنك الإسلامي للتنمية، قد دفع سلطة الاحتلال لإصدار قرار الاغلاق، بقصد منع أي ديمومة للمؤسسات الأهلية، التي تمكن المواطن المقدسي على البقاء في المدينة وداخل اسوارها، فالمستهدف غير المباشر هم: طلبة جامعات، وأصحاب مشاريع صغيرة، ومواطنون يُعاد ترميم منازلهم غير الصالحة للسكن، ومدارس بحاجة لترميم وإصلاح، ما يعني، ان المستهدف من قرار حكومة الاحتلال الاسرائيلي، هي مقومات الحياة الكريمة، وشروط أساسية لابد منها لصمود المواطن الفلسطيني المقدسي، وحرمانه من حق التعلم، والصحة، والعمل، ومنعه من الحفاظ على الموروث التاريخي (البيت)! لكن الوطني الفلسطيني سيبدع للحفاظ على القدس التي هي بمثابة روحه التي تحركه للتقدم في مسار المستقبل.. فصندوق ذخيرة بن غفير وحكومة الاحتلال العنصرية، لن ينتصر على صندوق ووقفية القدس الانساني .
----