الرئيسة/  مقالات وتحليلات

الإبادة... لتصفير طرف معادلة الوجود

نشر بتاريخ: 2025-05-26 الساعة: 00:00

 

 موفق مطر


 نعتقد ان وجود الشعب الفلسطيني على ارض وطنه التاريخي والطبيعي فلسطين، وطمس آثاره وارثه المتصلة بأبعاد تاريخية، وارث حضاري انساني، الهدف الأول والأخير لحملة الابادة الدموية الجماعية، التي ترتكبها منظومة الصهيونية الدينية والاحتلال الاستيطاني العنصرية (اسرائيل) منذ السابع من اكتوبر 2023، وذلك كمحاولة قد تكون الأخيرة في اجندة المشروع الاستعماري الصهيوني، لإتمام السيطرة على فلسطين التاريخية والطبيعية، دون وجود شعبها الأصلي، ورسم خريطة جديدة للشرق الأوسط، وما تركيز عمليات القتل على الأبرياء كالأطفال والنساء، إلا احدى وسائل تصفية هذا الوجود -80% من ضحايا الابادة اطفال ونساء– أما  التهجير القسري أو الطوعي تحت ضغط التجويع، والإفقار وضرب مقومات الاقتصاد الفلسطيني، وتصعيب بلوغ الانسان الفلسطيني من بلوغ الحد الأدنى من العيش الكريم، فهو الوسيلة الأخرى، ما يضطر الفلسطيني –حسب خططهم المرسومة بعقلية (الارهابي العنصري) الى البحث عن سبل للنجاة في أماكن من هذا العالم، الذي بات بعض دوله يفتح أبواب الترغيب، عن قصد، أو كتعبير عن مقاصد انسانية.

نرى ونحن على درجة عالية من اليقين، أن الابادة وتمدد الاستيطان، وهمجية ميليشيات وتنظيمات المستوطنين المسلحين الارهابيين، وتوفير مظلة الحماية من حكومة الصهيونية الدينية الحاكمة الآن، بالتوازي مع عمليات تهويد، وسيطرة كاملة على الأماكن التاريخية الدينية والأثرية، والرموز الثقافية الطبيعية للشعب الفلسطيني، مع سرقة اموال الشعب الفلسطيني العامة (اموال المقاصة) واصطناع عصابات اجرامية وتسليحها ومنحها مسميات مقبولة كغطاء، للتسلل وإحداث الشقاق والشروخ، وحتى الصدام مع مؤسسة الأمن لدى السلطة الوطنية الفلسطينية، نرى كل ما سبق هو لتغيير المعادلة القائمة حاليا على الأرض بعد 77 سنة على النكبة، فعلى ارض فلسطين التاريخية اليوم يعيش 7500000 مواطن فلسطيني (قح) ورثوا وجودهم على ارض وطنهم ابا عن جد، بما فيهم، المواطنون الفلسطينيون، في الجليل والنقب، ومدن الساحل: عكا وحيفا ويافا، وبالمقابل يوجد ما يعادل هذا الرقم، سكان اسرائيل الذين تم تجميعهم من اصقاع العالم، تطبيقا لوثيقة كامبل الاستعمارية سنة 1905، وبجهود (الوكالة اليهودية) وبدعم كامل من دول استعمارية تقاسمت الوطن العربي في اتفاقية سايكس بيكو، باستثناء السامريين الذين هم  مواطنون فلسطينيون اصليون، فالمعادلة بهذا التساوي رغم 108 سنوات على وعد بلفور، وحوالي ثمانية عقود على النكبة الأولى، يراها الخبراء الاستراتيجيون لدى منظومة الاحتلال، الخطر الاستراتيجي على كينونة وديمومة اسرائيل، التي ما أنشئت إلا لتكون ذات صبغة واحدة أي (يهودية) لذلك تم استغلال أوضاع ملايين اليهود الصعبة في أوروبا وآسيا، وبلدان عربية لتحقيق هذا الهدف، لكن الواقع بعد قرن من المؤامرة على الشعب الفلسطيني، أن معظم يهود العالم، لم يتركوا اوطانهم الأصلية وظلوا متمسكين بمصالحهم هناك، أما الشعب الفلسطيني فقد صمد وصبر، وثابر في تعميق وجوده، وإبراز هويته الوطنية، حتى العائدون بموجب اتفاقية اوسلو الذين قدروا بما لا يزيد عن خمسين الفا، صاروا الآن حوالي مليون فلسطيني خلال الثلاثين عاما الماضية، وهذا ما دفع بنيامين نتنياهو رئيس حكومة منظومة الاحتلال للتعبير عن الخوف من هذه المعادلة الوجودية، والعمل على تخويف سكان اسرائيل بقوله: "إن اتفاق اوسلو الذي يؤدي الى دولة فلسطينية خطر وجودي على اسرائيل" متذرعا بعملية حماس في السابع من اكتوبر للبرهان على منطقه المتأصل بالباطل، ذلك أنه وكل خبرائه السياسيين والأمنيين والعسكريين على يقين، بأن خيار الدولة الفلسطينية لدى الشعب الفلسطيني خيار سلام استراتيجي، والبرهان على ذلك قناعة دول العالم وحكوماتها وبرلماناتها المعترفة بدولة فلسطين 149 حتى الآن، بإيمان الشعب الفلسطيني وقيادته التي تمثله منظمة التحرير الفلسطينية بهذا الخيار، لكن نتنياهو مصمم على تحقيق هدف التهجير من غزة أولا حيث ذروة الابادة بالنار والتدمير، وفي حال نجاحه فإن احدا في العالم لن يمنعه من تحقيق مثل هذا الهدف في الضفة الغربية، بعد اجبار المقدسيين على هجر المدينة المقدسة عاصمة فلسطين... فنتنياهو يعمل على تصفير طرف فلسطين في المعادلة الوجودية، لتخليص التلموديين من عقد مملكة حشمونائيم التي لم تبلغ إلا سن الـ80 حسب ادعاءاتهم، بانجاز تاريخي –حسب معتقده– ببلوغ اسرائيل سن الـ100 سنة.

mat
Developed by: MONGID | Software House الحقوق محفوظة مفوضية الإعلام والثقافة © 2025